روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | الجمال.. السلوكي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > الجمال.. السلوكي


  الجمال.. السلوكي
     عدد مرات المشاهدة: 5664        عدد مرات الإرسال: 0

أنعم الله علينا بهذا الدين العظيم و رزقنا الله قيم الجمال في كل شيء في كوننا المنثور حولنا من أرض مدحوة بجبالها وأنهارها و بحارها و خيراتها وهذا السقف المحفوظ من فوقنا لا تري فيه من تفاوت.

ثم جمال الخلقة الإنسانية لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿٤﴾ "التين" و أضاف الإسلام إلي جمال الخلقة جمال الخلق و هذا تميز حضارتنا الإسلامية العظيمة.

إن أخلاقنا الإسلامية فرائض لا فضائل، يبدأ هذا الجمال الخلقي باللغة العالمية وهي التبسم في وجه اخوانك، روي جرير بن عبد الله.

قال ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت و لا رآني إلا تبسم في وجهي و كان جل ضحكه صلى الله عليه وسلمالتبسم فإذا ابتسم يفتر مثل حب الغمام. رواه الترمذي في الشمائل.

ان البسمة هي أول خطوة في الطريق إلي فتح قلوب الآخرين، كما يلحق البسمة الجميلة الكلمة الطيبة فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴿١٥٩﴾ "آل عمران"، ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿١٢٥﴾ "النحل"، وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾ "فصلت".

و تكلم فقهاء الإسلام في أنواع الغسل فوصلت إلي سبعة عشر نوعًا من الغسل دلالة علي أهمية الإعتناء بنظافة الجسد و جماله، و قد تكلم الفقهاء في ترتيب أمور ثلاثة في هذا الأمر :

نهي عن القذارة.

أمر بالنظافة.

استحباب الزينة و الطيب و الرائحة الزكية.

و قد أمر الرسول رجلًا لم يهذب شعر رأسه أن يصلحه فخرج الرجل و عاد فقال صلى الله عليه وسلم أليس هذا خيرًا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان.رواه مالك في الموطأ.

و قد حدثنا صلى الله عليه وسلمعن سنن الفطرة خمس من سنن الفطرة:الختان و الاستحداد و هو حلق شعر العانة و تقليم الأظافر و نتف الإبط و قص الشارب. البخاري.

و قال الصحابة كنا نؤمر بالسواك حتي ظننا أن سينزل فيه قرآن.

و قد عقدت المستشرقة الألمانية زيجريد هونكا مقارنة بين حضارة المسلمين في ذلك الوقت و بين حال أوروبا في هذا الصدد، فقالت بأن الفقيه الأندلسي الطرطوشي خلال تجوله في بلاد الفرنجة صادفته أمور تقشعر منها الأبدان.

و هو المسلم الذي فرض عليه الإغتسال و الوضوء خمس مرات يوميًا، اسمعه يقول لن تري أبدًا أكثر منهم قذارة، إنهم لا ينظفون أنفسهم، و لا يستحمون إلا مرة أو مرتين في السنة بالماء البارد، و أما ثيابهم فإنهم لا يغسلونها بعد أن يرتدوها، حتي تصبح خرقًا بالية مهلهلة.

و تضيف فتقول:إن مثل هذا الأمر من القذارة لا مجال لأن يفهمه العربي المتأنق أو يحتمله، و هو الذي لم تكن نظافة الجسم و طهارته واجبًا دينيًا فحسب، و إنما أيضًا حاجة ماسة تحت وطأة الجو الحار ذاك.ثم ذكرت أن مدينة بغداد كانت تزدحم في القرن العاشر بآلاف الحمامات الساخنة مع المولجين بها، من ممسدين و مزينين.

أما جمال الثياب فكان أول ما نزل من القرآن وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴿٤﴾ المدثر بعد الأمر بالتوحيد مباشرة فقال ربنا وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ﴿٣﴾ المدثر، يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴿٣١﴾ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّـهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٣٢﴾ الأعراف.

أما حسن الخلق فقد مدح الله رسوله صلى الله عليه وسلم بحسن خلقه وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴿٤﴾ القلم، و قال صلى الله عليه وسلم ليس الصيام من الأمل و الشرب إنما الصيام من اللغو و الرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم إني صائم.

و إذا نظرت للجمال المعنوي في حضارتنا الغراء فتجد أن الإسلام حذر من تناجي رجلان دون الثالث فأن ذلك يحزنه و أمرنا باحترام الكبير و العطف علي الصغير و أنه لا يشكر الله من لم يشكر الناس و آداب الزيارة و الاستئذان و آداب الضيف و المضيف.

ولقد نري الجمال واضحًا في الألقاب و الأسماء فلقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا ما اسمك قال:صس فقال له صلى الله عليه وسلم بل أنت أبا زرعة.و أراد صلى الله عليه وسلم تغيير اسم رجل اسوه حزن إلي سهل و قال إذا أبردتم إلي بريدًا فابعثوه حسن الوجه حسن الإسم.

حتي ظهر جمال حضارتنا في جمال أسماء كتب السلف انظر :

الصارم المسلول علي شاتم الرسول، لابن تيمية.

الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لتميذه ابن القيم،.

الإحاطة في أخبار غرناطة، لابن حزم.

فتح الباري في شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني.

عون المعبود في شرح سنة أبي داوود، لشمس الحق آبادي.

الإقتصاد في الإعتقاد، للفرابي.

الجواهر الحسان في تفسير القرآن، الإمام الثعالبي.

أما ما قاله المصنفون من الغربيين عن حضارتنا فحدث و لا حرج و لنأخذ أمثلة ثلاثة مما قاله هؤلاء :

يقول جلين ليونارد (يجب أن تكون حالة أوروبا مع الإسلام بعيدة من كل هذه الإعتبارات الثقيلة، و أن تكون حالة شكر أبدي، بدلًا من نكران الجميل الممقوت و الإزدراء المهين، فإن أوروبا لم تعترف إلي يومنا هذا بإخلاص صادق و قلب سليم بالدين العظيم المدينة به للتربية الإسلامية و المدنية العربية.

فقد اعترفت به بفتور و عدم اكتراث، عندما كان أهلها غارقون في بحار الهمجية و الجهل في العصور المظلمة فقط. و لقد وصلت المدنية الإسلامية عند العرب إلي أعلي مستوي من عظمة العمران و العلم، فأحيت المجتمع الأوروبي و حفظته من الإنحطاط.

ولم نعترف و نحن نري أنفسنا في أعلي قمة من التهذيب و المدنية بأنه لولا التهذيب الإسلامي، و مدنية العرب و علمهم و عظمتهم في مسائل المدنية، و حسن نظام مدارسهم لكانت أوروبا إلي اليوم غارقة في ظلمات الجهل).

و يقول المؤرخ الإنجليزي ويلز:(كل دين لا يسير مع المدنية في كل أطوارها فاضرب به عرض الحائط، و إن الدين الحق الذي وجدته يسير مع المدنية أينما سارت هو الإسلام و من أراد الدليل فليقرأ القرآن و ما فيه من نظرات و مناهج علمية، و قوانين اجتماعية، فهو كتاب دين و علم و اجتماع و خلق وتاريخ، و إذا طلب مني أن أحدد معني الإسلام فإني أحدده بهذه العبارة:" الإسلام هو المدنية").

و يقول جوستاف لوبون:(إن حضارة العرب المسلمين قد أدخلت الأمم الأوروبية الوحشية في عالم الإنسانية، فلقد كان العرب أساتذتنا و إن جامعات الغرب لم تعرف لها موردًا علميًا سوي مؤلفات العرب، فهم الذين مدنوا أوروبا مادةً و عقلًا و أخلاقًا، و التاريخ لا يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه...

إن أوروبا مدينة للعرب بحضارتها و إن العرب هم أول من علم العالم كيف تتفق حرية الفكر مع استقامة الدين فهم الذين علموا الشعوب النصرانية، و إن شئت فقل:حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان و لقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولي أرقي كثيرًا من أخلاق أمم الأرض قاطبةً).

هنيئًا لنا حضارتنا الجميلة التي أعطت رونقًا للحياة لا نقول يفخر بها كل مسلم فحسب بل يفخر بها كل إنسان كان له قلب أو ألقي السمع و هو شهيد.

الكاتب: د. عمر عبد الكافي

المصدر: موقع د. عمر عبد الكافي